فيه لحظات في حياتنا، بنقابل ناس كأنهم مرآة… ننجذب ليهم بسرعة، نحس إن في بينهم وبيننا خيط خفي. ولحظات تانية… بنفضل نكرّر نفس العلاقة المؤلمة، مع اختلاف الوجوه.

ليه بنعيش ده؟ وليه دماغنا، اللي هو المفروض أذكى جزء فينا، بيختار الألم أحيانًا؟ الإجابة مش بس في القلب… الإجابة جوّه الدماغ.

الارتباط العصبي والعاطفي: الحب مش صدفة، ده نمط

من وإحنا أطفال، دماغنا بيبدأ يبني خريطة للعلاقات. كل تجربة حب، أمان، تجاهل، أو ألم… بتسيب بصمتها جوا الخلايا العصبية.

لما ماما كانت بتحضنك وإنت خايف، أو بابا كان غايب ومش بيسمعك، أو حد قالك “أنا بحبك” وبعدها اختفى… الدماغ سجل كل ده. ومع الوقت، بقى يترجم الحُب بناءً على اللي تعوّد عليه، مش اللي بيحتاجه بجد.

يعني لو تعودت على علاقة فيها تجاهل أو شد وجذب، دماغك هيشوف ده “طبيعي”، وهيرجع له كل مرة كأنه بيتحنّ للبيت القديم.

Trauma Bonding وSafe Bonding: لغة المخ في العلاقات

Trauma Bonding هو نوع من الارتباط بيحصل لما يتخلط الحب بالخوف أو الألم. زي لما تحب حد يوجعك، لكن دماغك مش قادر يسيبه… لأن الخلايا العصبية اتشبكت في لحظات ألم شديدة، فبقت متمسكة بيه كأنه أمان.

Safe Bonding هو العكس… علاقة مبنية على التقبل، الأمان، والوجود الحقيقي. بس للأسف، لو دماغك ما عرفش ده زمان، هتحس العلاقة دي مملة أو مش حقيقية!

وكأن الدماغ بيقول: “أنا بس بعرف أحب وسط فوضى… الأمان مخيف ومش مفهوم.”

هل نقدر نعيد برمجة علاقتنا بالحب؟

أيوه، وبقوة. زي ما المخ اتعلم يتفاعل مع الألم، يقدر كمان يتعلم يختار الأمان.

إزاي؟
– من خلال الوعي بأنماطنا القديمة.
– ومن خلال خلق تجارب جديدة، حتى لو كانت صغيرة، تدي دماغنا إحساس جديد بالحب.
– بالتكرار، والنية، والملاحظة اللطيفة بدون جلد.

لما تلاقي نفسك بتنجذب لنفس النوع المؤذي، اسأل دماغك:
“إنت ليه بتحب دي؟ بتحس معاه بإيه؟ وهل في طريق جديد تقدر تمشي فيه؟”

إدراك الأنماط… بداية الرحلة الجديدة

في كل علاقة سابقة، دماغك كان بيبرمج نفسه. يعني كل مرة اتأذيت وسكت، أو احتجت وما طلبتش، أو اتحبّيت بس ما صدقتش… كل ده بقى كود عصبي بيشتغل تلقائي.

لكن الإدراك بيغيّر. لما تبدأ تلاحظ:
– إنك بتخاف من الهجر…
– إنك بتفضل ترضي عشان ما حدش يسيبك…
– أو إنك بتبعد أول ما حد يقرب…

ساعتها بتبدأ الرحلة الحقيقية. رحلة فك تشابك الخيوط القديمة، ونسج خيوط جديدة… خيوط من نور، من حب واعي، من اتصال ناضج بينك وبين الآخر… وبينك وبين نفسك.

والكون… كمان بيحبك

كل خلية عصبية جواك، ليها تردد. وكل فكرة، كل شعور، بيبعث موجة في الكون.

فلما تبدأ تختار علاقات صحية، إنت مش بس بتعيد برمجة دماغك، إنت كمان بتعيد ضبط ترددك مع الكون… فتنْجذب ليك أرواح بتفهمك، تحتضنك، وتهز معاك نفس النغمة.

فـ اسأل نفسك دلوقتي:
هل أنا مستعد أعلّم دماغي شكل جديد للحب؟
هل أنا مستعد أختار أمان، حتى لو مش متعود عليه؟
وهل أقدر أحب نفسي كفاية، عشان أسمح للكون يحبني براحته؟

لو المقال ده لمسك، خليك مستني للمقال الجاي:
“الهدوء العصبي… الرجوع للمصدر.”

error: Content is protected !!